الجمعة , مارس 29 2024

موسى عساف – جريدة الوطن البحرينية :العـلامـة السـيد عـلي‮ ‬الأمين‮.. ‬صـوت العقل المغيب

2009-04-19
كانت زيارة سماحة العلامة السيد علي‮ ‬الأمين للمشاركة في‮ ‬فعاليات‮ ”‬مؤتمر الهوية في‮ ‬الخليج العربي‮”‬،‮ ‬فرصة هامة‮ -‬لي‮ ‬على الأقل‮- ‬ولجمع من المهتمين للقاء سماحته،‮ ‬للاطلاع عن كثب على أفكاره ورؤاه المستنيرة فيما‮ ‬يخص كثير من القضايا المصيرية التي‮ ‬تواجه أمتنا العربية والإسلامية في‮ ‬خضم التجاذبات الإقليمية والعالمية،‮ ‬والتي‮ ‬تعمل على رمي‮ ‬المنطقة في‮ ‬أتون حرب مدمرة تأكل الأخضر واليابس‮.‬ سماحة السيد ومن خلال كلمته في‮ ‬فعاليات المؤتمر والحوارات الخاصة في‮ ‬ردهات المؤتمر؛ قدم الصورة الحقيقية عن الانتماء الوطني‮ ‬لرجال الدين‮ ”‬الوطنيين‮” ‬بعيداً‮ ‬عن المزايدات والتأثيرات والأجندات الخارجية،‮ ‬فقد أوضح أن هذه الأمة بكل مكوناتها وأطيافها وتركيبها السكاني‮ ‬والعرقي‮ ‬والطائفي‮ ‬مستهدفة من أكثر من جهة،‮ ‬ولهذا وجب على الجميع الجلوس على مائدة واحدة للحوار والنقاش لتعزيز اللحمة الوطنية للتأكيد على رسالة هذه الأمة الواحدة التي‮ ‬خاطبها رب العزة في‮ ‬كتابه العزيز‮ (‬إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون‮).‬ وكان لمساحته عتب كبير‮ -‬نشاركه فيه‮- ‬على بعض الأنظمة العربية لتقاعسها عن دعم الحركات الدينية المعتدلة،‮ ‬وتجاهلها للدور الحقيقي‮ ‬التي‮ ‬يمكن أن تقوم به هذه الحركات ضد قوى التطرف في‮ ‬المنطقة،‮ ‬وبهذا الصدد فقد أورد سماحة السيد عدداً‮ ‬من الأمثلة على هذا التقاعس وذلك التخوف،‮ ‬والذي‮ ‬ساهم في‮ ‬زيادة القوة المعنوية والمادية لحركات التطرف‮.‬ وحمل سماحة السيد إلى الشعب البحريني‮ ‬في‮ ‬زيارته إلى المنامة رسالة واضحة المعالم،‮ ‬تتمثل في‮ ‬الدعوة للمحافظة على السلم والأمن الاجتماعي‮ ‬والوحدة الوطنية تحت راية القيادة الحكيمة،‮ ‬إذ تحمل هذه الوحدة صمام الأمان الوحيد والحقيقي‮ ‬لكل ما من شأنه أن‮ ‬يعكر صفو المجتمع وتحافظ على لحمته الحقيقية أمام دعوات التطرف والترويج المجاني‮ ‬لقوى وأفكار هدامة هدفها الأساسي‮ ‬تقسيم المجتمع ليسهل النيل منه مستقبلاً‮.‬ وبقدر ما تميز لقاء سماحة العلامة بالهدوء والاتزان والرزانة في‮ ‬الطرح،‮ ‬فلم تخلو كلماته من ثورة حقيقية تطالب بعدم التقوقع والانغلاق على الأفكار القديمة التي‮ ‬ساهمت في‮ ‬تجزئة الأمة،‮ ‬ومطالبته المستمرة بالانفتاح على الآخر بغض النظر عن انتمائه المذهبي‮ ‬أو الطائفي‮ ‬أو العرقي‮ ‬لتضع الوطن دائماً‮ ‬أولاً‮ ‬وقبل كل شيء‮.‬ أطروحات وأفكار كبيرة وكثيرة قدمها سماحة السيد طوال حياته العلمية والعملية،‮ ‬اصطدم مع كثيرين وتصالح مع آخرين،‮ ‬ولكنه أبداً‮ ‬لم‮ ‬يفاوض أو‮ ‬يهادن على انتمائه الوطني،‮ ‬ولم‮ ‬يتنازل أبداً‮ ‬عن ما‮ ‬يؤمن به،‮ ‬وهو أن الوطن‮ ‬يتسع الجميع من كل المذاهب والمعتقدات ما دام الحوار سيد الموقف،‮ ‬والحرص على الوحدة واللحمة الوطنية هاجس الجميع‮.‬ ومن أجل هذه المواقف الوطنية تعرض السيد علي‮ ‬الأمين إلى شتى أنواع المضايقات والتهديدات،‮ ‬التي‮ ‬لم تنل من عزيمته الصادقة على الاستمرار في‮ ‬التبشير بمشروعه الوطني،‮ ‬ولم‮ ‬يكن القرار الذي‮ ‬اتخذته قوى‮ ”‬الأمر الواقع‮” ‬في‮ ‬جنوب لبنان بعزله من منصبه والاستيلاء على مكتبه وممتلكاته،‮ ‬وتحويل مقره إلى مكتب حزبي‮ ‬لحركة‮ ”‬أمل‮” ‬إلا جزءاً‮ ‬من سلسلة متواصلة هدفت إلى النيل من صموده والضغط عليه لتغيير موقفه الوطني‮ ‬لصالح قوى التطرف في‮ ‬لبنان ومن‮ ‬يقف خلفها من قوى إقليمية تسعى إلى تغيير الهوية العربية في‮ ‬كثير من الدول العربية ليسهل بالتالي‮ ‬اقتيادها وجعلها تابعة ومنفذة لسياسيات خارجية مدمرة‮.‬ أمام كل ما سبق،‮ ‬فمن حق سماحة السيد علي‮ ‬الأمين أن‮ ‬يعتب على الأنظمة العربية التي‮ ‬تساهم بطريقة مباشرة أو‮ ‬غير مباشرة في‮ ‬تحجيم قوى الاعتدال والقوى الوطنية في‮ ‬المنطقة لصالح حركات التطرف،‮ ‬ومن حقه أيضاً‮ ‬أن‮ ‬يعتب على تغييب الاعتدال في‮ ‬وسائل الإعلام،‮ ‬ومن حقه أن‮ ‬يعتب ثالثاً‮ ‬عندما‮ ‬يُترك المجاهدون الحقيقيون وحدهم في‮ ‬مواجهة قوى التطرف‮.‬ ‮❊ ‬من أسرة‮ »‬الوطن‮«‬