2009-04-19
كانت زيارة سماحة العلامة السيد علي الأمين للمشاركة في فعاليات ”مؤتمر الهوية في الخليج العربي”، فرصة هامة -لي على الأقل- ولجمع من المهتمين للقاء سماحته، للاطلاع عن كثب على أفكاره ورؤاه المستنيرة فيما يخص كثير من القضايا المصيرية التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية في خضم التجاذبات الإقليمية والعالمية، والتي تعمل على رمي المنطقة في أتون حرب مدمرة تأكل الأخضر واليابس. سماحة السيد ومن خلال كلمته في فعاليات المؤتمر والحوارات الخاصة في ردهات المؤتمر؛ قدم الصورة الحقيقية عن الانتماء الوطني لرجال الدين ”الوطنيين” بعيداً عن المزايدات والتأثيرات والأجندات الخارجية، فقد أوضح أن هذه الأمة بكل مكوناتها وأطيافها وتركيبها السكاني والعرقي والطائفي مستهدفة من أكثر من جهة، ولهذا وجب على الجميع الجلوس على مائدة واحدة للحوار والنقاش لتعزيز اللحمة الوطنية للتأكيد على رسالة هذه الأمة الواحدة التي خاطبها رب العزة في كتابه العزيز (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). وكان لمساحته عتب كبير -نشاركه فيه- على بعض الأنظمة العربية لتقاعسها عن دعم الحركات الدينية المعتدلة، وتجاهلها للدور الحقيقي التي يمكن أن تقوم به هذه الحركات ضد قوى التطرف في المنطقة، وبهذا الصدد فقد أورد سماحة السيد عدداً من الأمثلة على هذا التقاعس وذلك التخوف، والذي ساهم في زيادة القوة المعنوية والمادية لحركات التطرف. وحمل سماحة السيد إلى الشعب البحريني في زيارته إلى المنامة رسالة واضحة المعالم، تتمثل في الدعوة للمحافظة على السلم والأمن الاجتماعي والوحدة الوطنية تحت راية القيادة الحكيمة، إذ تحمل هذه الوحدة صمام الأمان الوحيد والحقيقي لكل ما من شأنه أن يعكر صفو المجتمع وتحافظ على لحمته الحقيقية أمام دعوات التطرف والترويج المجاني لقوى وأفكار هدامة هدفها الأساسي تقسيم المجتمع ليسهل النيل منه مستقبلاً. وبقدر ما تميز لقاء سماحة العلامة بالهدوء والاتزان والرزانة في الطرح، فلم تخلو كلماته من ثورة حقيقية تطالب بعدم التقوقع والانغلاق على الأفكار القديمة التي ساهمت في تجزئة الأمة، ومطالبته المستمرة بالانفتاح على الآخر بغض النظر عن انتمائه المذهبي أو الطائفي أو العرقي لتضع الوطن دائماً أولاً وقبل كل شيء. أطروحات وأفكار كبيرة وكثيرة قدمها سماحة السيد طوال حياته العلمية والعملية، اصطدم مع كثيرين وتصالح مع آخرين، ولكنه أبداً لم يفاوض أو يهادن على انتمائه الوطني، ولم يتنازل أبداً عن ما يؤمن به، وهو أن الوطن يتسع الجميع من كل المذاهب والمعتقدات ما دام الحوار سيد الموقف، والحرص على الوحدة واللحمة الوطنية هاجس الجميع. ومن أجل هذه المواقف الوطنية تعرض السيد علي الأمين إلى شتى أنواع المضايقات والتهديدات، التي لم تنل من عزيمته الصادقة على الاستمرار في التبشير بمشروعه الوطني، ولم يكن القرار الذي اتخذته قوى ”الأمر الواقع” في جنوب لبنان بعزله من منصبه والاستيلاء على مكتبه وممتلكاته، وتحويل مقره إلى مكتب حزبي لحركة ”أمل” إلا جزءاً من سلسلة متواصلة هدفت إلى النيل من صموده والضغط عليه لتغيير موقفه الوطني لصالح قوى التطرف في لبنان ومن يقف خلفها من قوى إقليمية تسعى إلى تغيير الهوية العربية في كثير من الدول العربية ليسهل بالتالي اقتيادها وجعلها تابعة ومنفذة لسياسيات خارجية مدمرة. أمام كل ما سبق، فمن حق سماحة السيد علي الأمين أن يعتب على الأنظمة العربية التي تساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تحجيم قوى الاعتدال والقوى الوطنية في المنطقة لصالح حركات التطرف، ومن حقه أيضاً أن يعتب على تغييب الاعتدال في وسائل الإعلام، ومن حقه أن يعتب ثالثاً عندما يُترك المجاهدون الحقيقيون وحدهم في مواجهة قوى التطرف. ❊ من أسرة »الوطن«
الوسومالسيد علي الأمين