الخميس , فبراير 13 2025
sayyed ali al amin - to know one another

خاص “لتعارفوا” – العلاّمة السيد علي الأمين : الطائفية تحاول أن تجعلنا شعوباً والحل بدولة القانون والمؤسسات

خاص “لتعارفوا”

العلاّمة السيد علي الأمين : الطائفية تحاول أن تجعلنا شعوباً والحل بدولة القانون والمؤسسات

مقابلة أسرة (لتعارفوا) مع العلاّمة السيد علي الأمين

تنظيم السلك الديني

*س:  سماحة السيد الأمين:  دعوت 1990 إلى تنظيم السلك الديني بالشكل الذي يعزّز الولاء للوطن،  وإلى إنشاء كولوكيوم ديني يخضع فيه رجال الدين لامتحانات قبل مزاولة واجباتهم،  ولتحديد اختصاصاتهم.
– كيف يمكن، من الناحية العملية،  تنفيذ طرحك في بلد متعدّد الأديان والطوائف والمذاهب كلبنان؟

ج-  يمكن على سبيل المثال إنشاء وزارة أو مديرية للشؤون الدينية تتولى مع المؤسسات الدينية المختصة وضع الأسس والمعايير للمدارس والمعاهد الدينية التي يتخرج منها طلاب العلوم الدينية ورجال الدين، وعلى أساس تلك الشهادات في العلم والسلوك التي تمنح لطالب العلوم الدينية يتم قبوله في السلك الديني.

– هل لقيت دعوتك هذه اهتماماً من الأوساط الدينية والسياسية؟ وهل ما يزال المشروع مطروحاً؟

ج-  لقيت هذه الفكرة قبولاً من بعض القيادات الدينية في حينها ولكنها لم تترجم على أرض الواقع بسبب استفادة السياسيين وبعض المرجعيات الدينية غير الرسمية من انعدام تنظيم هذا السلك الذي يتيح لهم انضمام الكثيرين من أفراده تحت ألويتهم،  والحاجة إلى هذا المشروع ما تزال قائمة وهي في ازدياد بسبب تزايد الأعداد غير المؤهلة وغير المدروسة التي تنتمي إلى الأحزاب للإستفادة منها لأغراض توظيف الدين في الدعاية السياسية والحزبية، وهذا مما يؤثر على علاقات المواطنين بعضهم بالبعض الآخر وبانتمائهم الوطني.

 

الخروج من مرجعية الفرد إلى مرجعية المؤسسة

*س:  دعوتَ إلى تنظيم المال الشرعي والانتقال من مرجعية
الفرد إلى مرجعية المؤسّسة.  وقلتَ في هذا الصدد إن الطائفة الشيعية أغنى الطوائف في العالم،  وأموالها تذهب بذهاب المرجع الدينيّ دون أن يسأل أحد.
– نجد اليوم أن بعض المراجع في لبنان وبلدان أخرى يورّث أبناءه،  بطريقة أو بأخرى،  المؤسّسات التي أنشأها بأموال الخُمس.  فما حكمك الشرعي على هذه الظاهرة؟

ج-   انتقال المال الشرعي العام إلى الورثة أمر غير صحيح شرعاً،  لأنه ليس من الممتلكات الخاصّة بالمرجع، وإن كان له صلاحية التوكيل بإدارتها لورثته وغيرهم في حياته فهي صلاحية تنتهي شرعاً بوفاته، وهذا التهاون بالمال الشرعي العام يكشف عن حالة غير صحّيّة وخطيرة في الجسم الديني الذي يجب أن يكون في موقع القدوة.

–  كيف السبيل إلى الحدّ منها؟ والحدّ من الهدر والفساد في المؤسّسات الدينية؟

ج-  من أسباب هذه الحالة أن المرجعية الدينية تقوم إدارتها في معظم الأحيان على أساس فردي، وتوضع كل الإمكانات فيها بيد المرجع الفرد وباسمه، وهذا ما يجعل تلك الإمكانات المالية الضخمة عرضة للإنتقال إلى الورثة، ولذلك اقترحت في سبيل المعالجة إخراج المرجعية الدينية من حالة الفرد إلى حالة المؤسسة كوسيلة تؤمن الإستمرار وتمنع من الهدر والفساد فيها،وقلت في كل بلاد العالم يموت وزير المالية ولكن لا تنتقل أموال الوزارة إى ورثته.

إلغاء التعليم الديني في المدارس

*س:  دعوتَ إلى إلغاء التعليم الديني في المدارس واستبداله بكتاب يعزّز القيَم وأخلاق الأنبياء،  ويعزّز الولاء للوطن،  ويتحدّث عن المشتركات الدينية والفضائل الإنسانية.  أما خصوصيّات المذاهب والأديان فهي مسؤولية المساجد والكنائس.  وقلتَ في هذا الصدد:  “الناشئة،  إذا كنّا نقسّمهم صغاراً [في التعليم الديني] فكيف نطلب منهم الوحدة كباراً؟!”
– ما تدعو إليه أليس ضرباً من التربية العلمانية؟

ج-  ما أدعو إليه من إلغاء التعليم الديني في المدارس هو دعوة لإبعاد العصب الطائفي والمذهبي عن رسالة البطريرك الراعي - المفتي دريان - السيد علي الامينالتعليم، وقد كانت البرامج التعليمية لمدارسنا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي خالية من مادة التعليم الديني ولم يكن النظام اللبناني علمانياً، وكنا في المدارس في تلك الفترة تجمعنا مقاعدها الدراسية من مختلف الطوائف والمذاهب ندخل إلى صفوفنا على وقع النشيد الوطني، وكنا مؤمنين وغير طائفيين وغير مذهبيّين.

– هل يمكن للتربية المدنية العامّة التي تدعو إليها أن تحلّ محلّ التنشئة الدينية والروحية؟

ج-  نعم، يمكن للتربية المدنية في المدارس أن تقوم بالدور الذي يعزز الروابط الوطنية والإنسانية بين المواطنين، ويبقى دور التربية الدينية والروحية للمساجد والكنائس والمعاهد الدينية.

(الزواج المختلط مع الإعتراف المتبادل بالدين)

*س:  لك رأي خاصّ في مسألة زواج المسلمة من غير المسلم.  وممّا قلته في هذا الصدد:  “إن هذه المسألة ليست من المحرّمات التي لا يجوز اقتحامها اجتهاديّاً وفقهيّاً. . .  وإذا كان الرجل المسيحي من هؤلاء الذين يحترمون دين وعقيدة المرأة المسلمة،  فحينئذٍ لن توجد مشكلة على مستوى الدين والعقيدة بينهما.  لأنها كمسلمة تحترم الشريعة المسيحية،  والرجل المسيحي الذي فرضناه ليس رافضاً للإسلام كدين سماوي،  فيحترمه كما يحترم المسيحية كدين له.  وبهذا تكون عوامل الفرقة والخلاف بينهما من ناحية الدين والعقيدة قد أزيلت”  ( مجلة جسور الأسترالية،  سدني 1995 ) .

– هل يعني ذلك أنك كمجتهد تجيز زواج المسلمة من غير المسلم إذا توفّر هذا الشرط؟

ج-  لست مرجعاً في الفتوى ولا من المتصدّين لإصدار الفتاوى العملية، وما ذكرته في مسألة زواج المسلمة من الرجل المسيحي هو بحث فقهي يلقي الضوء على شرط التوافق في الدين في صحة الزواج الشرعي، فإن احترام كل من الزوجين لدين الآخر المتضمن للإقرار منهما بسماوية الدين يعني حصول هذا الشرط من الناحية الفقهية، فلا يبقى مانع شرعي من صحة الزواج بينهما،  وقد وضعت هذا البحث الفقهي بين أيدي المرجعية وأهل الفتوى لإعادة النظر وفتح باب الإجتهاد في هذه المسألة.

 – أي زواج تنصح به عندها:  مسيحي،  أم إسلامي؟

ج-  عقد الزواج هو كسائر العقود يحتاج إلى طرفين راشدين يصدر عنهما بالرضا والإختيار، وبذلك يوصف بالزواج الشرعي، ولا يعتبر في صحته أن يتولى إيقاعه رجل دين، وقد ذكرت في بعض الندوات أن الزواج الذي تم بين أبوي البشر آدم وحواء لم يكن في مسجد ولا في كنيسة.

دعوت إلى إلغاء التعليم الديني فـي المدارس

لإبعاد التعصب الطائفـي والمذهبي عن رسالة التعليم

الزواج المدني

– واستطراداً كيف تنظر إلى الزواج المدني؟ وهل تؤيّد دعوة الداعين إلى تشريع زواج مدني اختياري في لبنان؟

ج-  الزواج المدني لا يتنافى مع الزواج الديني من ناحية الآثار في شرعية العلاقة بين الزوجين،  وفي كل الأحوال هو أمر اختياري بين الطرفين،  والمطلوب من الدولة تشريع القوانين لهذه الفئة من المواطنين الذين يختارون الزواج المدني،  ولا يوجد معنى لمنع إقراره داخل لبنان،  والسماح به وترتيب مفاعيله،  إذا وقع خارج الأراضي اللبنانية،  كما هو جار عليه العمل بالفعل.

ولاية الفقيه وولاية الدولة

س:  لك موقف خاصّ من مسألة ولاية الفقيه،  فأنت تؤمن بولاية الدولة في مقابل ولاية الفقيه.  وتقول في هذا الصدد:  “إن ولاية الأمّة على نفسها تستبطن ولاية الدولة على الناس،  وهي في نفس الطول،  ولا تعارض بينهما،  بل هي في ضمنها”.
– أليس في الأمر خلطٌ بين المفهوم الإسلامي للأمة ومفهوم الفكر السياسي الحديث للدولة؟

ج-  الحديث لم يكن عن مجرّد مفهوم الأمة بالمعنى الإسلامي،  وإنما كان عن مصدر الولاية والسلطة المفروغ عن مؤتمر ثقافات- سيخ - شيعة - هندوسوجودهما على سبيل الضرورة في حياة المجتمع والأمة، كما يستفاد من قول الإمام علي ( . . . وإنه لا بدّ للناس من أمير. . .  )  فالأمير هو مثال على السلطة في الناس وعليهم، ومعنى ولاية الأمة على نفسها يعني ترك الخيار لها في اختيار الحاكم وشكل الحكم، وهذا يعني أن ولاية الحاكم والحكم على الأمة ( الناس ) قد انبثق عن رأيها واختيارها.

*س:  تقول بشأن ولاية الفقيه  ( ولاية الدولة ودولة الفقيه،  ص27 ) :  “مقتضى القاعدة والأصل عند الفقهاء في الولاية بمعنى الإمرة أو السلطة عدم ولاية إنسان على إنسان إلا من خلال حالة تعاقدية عن التوافق والتراضي بين الأفراد والمجتمعات على صيغة من صيَغ الحكم،  وشكل من أشكال الإدارة التي تُحفظ بها لأمانة وليس من باب الإلزام الديني والتكليف الإلهي،  بل هو من باب الوفاء بالعقود”.  وتضيف  ( ص35 ) :  “لتصبح ولاية تحمل الطابع الإلهي حاولوا أن يثبتوا للفقيه ما كان ثابتاً للنبيّ والإمام المعصوم”.  وتختم  ( ص49 ) :  “وفي مختلف الحالات،  وعلى جميع التقديرات،  فإن ولاية الفقيه ليست ولاية عابرة للحدود والشعوب والمجتمعات التي لا علاقة للفقيه الحاكم بها”
– هل ترى في ولاية الفقيه مسألة سياسية للسيطرة على الحكم أُلبست ثوباً فقهيّاً؟

ج-  عندما طرحها الفقهاء على بساط البحث في كتبهم الفقهية ومجالسهم البحثية على الطلاب لم يكن لديهم سلطة وحكم، ولم تكن في إطار ما يسمى بالولاية العامة للفقيه، وإنما في إطار خاص كالولاية على من لا وليّ له كالصغير الفاقد لأبويه في عقود المعاملات حفظاً لماله، وفي الحالات النادرة والمستعصية في الأحوال الشخصية من الزواج والطلاق، كالمرأة التي غاب عنها زوجها ولا يعلم مصيره،  وولاية الفقيه بطرحها القائم تجاوزت بالفعل حلقات الدرس الفقهي وتحولت إلى مسألة سياسية أعطيت الصفة الدينية التي توحي للعامة بلزوم اتباعها دينياً وحرمة مخالفتها مع أن الكثير من الفقهاء لا يقولون بها.

– هل تجد عند المراجع الشيعية غير الإيرانية عموماً تأييداً أم معارضة لولاية الفقيه؟

ج-  هناك كثير من مراجع الدين والعلماء من إيران وخارجها لا يقولون بولاية الفقيه على المستوى الفقهي النظري ولكنهم غير معارضين لها على مستوى واقعها السياسي.

– ألا تجد في قاعدة “العلماء ورثة الأنبياء” مسوّغاً وسنداً لولاية الفقيه؟ وما رأيك بهذه القاعدة؟

ج-  حديث”العلماء ورثة الأنبياء”ناظر إلى دور العلماء في تعلم الأحكام الإلهية وتعليمها وإرشاد الناس إليها وتبليغهم بها، كما كان هو الدور الأولي للإنبياء في تبليغ رسالات ربهم للناس، ولم يكن اهتمامهم في إقامة سلطة وتوليها، ولذا لم يتول السلطة من الأنبياء على كثرة عددهم إلا النادر القليل منهم، وقد ورد في ذيل الحديث أن الأنبياء لم يورثوا مالاً وإنما أورثوا علماً، فمن أخذ منه فقد أخذ بحظ وافر، وهذه فيه بيان للدور العلمي الذي ورثه العلماء عن الأنبياء.

الشيعة والحكم

س:  تدعو إلى ترك ما يسمّى النظرية الأولى لأن  ( ص70 ) :  “أولوية الإمام علي بالحكم شيء،  وأولوية الشيعي بالحكم شيء آخر لا علاقة لإحداهما بالأخرى.  فالشيعي وغيره في مسألة الحكم على حدّ سواء،  فهما من عائلة واحدة،  ومن وطن واحد”.
– هل يعني ذلك عندك أن مسألة أحقّية الإمام علي بالخلافة قد انتهت،  ولا جدوى من إعادة إثارتها؟

ج-  لا شك بأن الشيعي يؤمن بأحقية الإمام علي بالخلافة، ولكن ينبغي العلم بأن الخلافة قد انتهى زمانها، والذين يقع الإختلاف على الأحقية بينهم فيها أيضاً قد أصبحوا جزءاً من التاريخ، وهم قد تعايشوا مع بعضهم البعض في حينها، وجمعتهم روابط عائلية وروابط الحفاظ على الدين والأمة، وأفضلية واحد منهم على الآخر في تولي الأمر لا توجب أفضلية للأتباع في هذا الشأن، فهو خلاف مضى ويجب أن يبقى في إطار الماضي، ولم يبقَ له موضع في حياتهم العملية وعلاقاتهم بعد انتهاء زمن الخلافة وخصوصاً في زمننا الحاضر وما سبقه.

رفض المشاريع السياسية الخاصة

– هل ترفض أن يكون للشيعة مشروع معيّن في الحكم والسلطة وتصوّر معيّن للدولة يستوحوه من عقيدتهم وتراثهم؟

ج-  خيار الطائفة الشيعية في لبنان هو خيار سائر الطوائف اللبنانية الأخرى،  أي خيار الدولة الواحدة والعيش الشيخ احمد الطيب - السيد علي الامينالمشترك في لبنان الواحد، والدولة هي المؤسسة التي تنبثق عن إرادة الشعب لإدارة شؤونه وليست مؤسسة منبثقة عن رؤية أيديولوجية وعقيدة دينية، وهذا الخيار في مشروع الدولة والوطن والشعب هو ما ندعو إليه الشيعة وغيرهم في أوطانهم وشعوبهم، وسابقاً قلت: لن تحمينا طوائفنا ولا مذاهبنا ولا أحزابنا، وما يحمينا وينفعنا هو الإنصهار الوطني والدولة العادلة، لأن المشاريع الخاصة هي مقبرة للوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، وهي مدعاة للنزاعات المستمرة التي تدمر الدولة والمجتمع.

 

الدعوة إلى دولة المواطنة

*س:  تدعو إلى دولة المواطنة،  وممّا تقول  ( لتعارفوا،  عدد42،  ك2/2016 :  “لا نرى في الإسلام كتاباً وسنّة ما يتنافى مع اعتماد المواطنة قاعدة في نظام الحكم والإدارة وتوزيع الحقوق بعدالة ومساواة بين المواطنين على اختلاف هويّاتهم الدينية والثقافية.  بل يعدّ اعتماد هذا الأمر موافقاً لقاعدة العدل والإنصاف المستفادة من آيات عديدة” وتستند في طرحك هذا إلى:  “وثيقة المدينة التي عقدها النبي مع مكوّنات المجتمع المتعدّدة فيها.  وكانت الهويّة الدينية مختلفة بين هؤلاء،  ولكن الهوية الوطنية كانت الجامع المشترك في ما بينهم.  وقد نظرت الوثيقة إلى الجميع على أنهم متساوون بما في ذلك اليهود وغيرهم ممّن لم يؤمن بالرسالة الإسلامية”.
– مجتمع المواطنة،  والدولة المدنية أليست هذه مسمّيات أخرى للدولة العلمانية؟ وما رأيك بهذه الأخيرة؟

ج-  ليست المشكلة مع الأسماء والعناوين، إننا نبحث عن الدولة التي تعمل على تطبيق العدالة على أرضها وبين شعبها والتي لا تقمع الحريات الدينية والسياسية، ولذلك لا مانع من كون الدولة علمانية إذا كانت تحقق تلك الغاية لشعبها، والدولة العلمانية بهذا المعنى ليست معادية للدين.

– قراءتك لوثيقة المدينة أليست إسقاطاً لمفاهيم حديثة في المواطنة والهوية الوطنية وغيرها على نصّ إسلامي قديم ومجتمع لم يعرف هذه المفاهيم؟

ج-  نحن لا نخاطب مجتمع المدينة المنورة القديم بهذه المفاهيم المعاصرة، وإنما نقول للذين يحاولون التمسك بالماضي بأن فيه مضامين لهذه المفاهيم المعاصرة التي تحاولون إنكارها بدعوى التمسّك بالقديم.

– مفهوم الأمّة الإسلامي،  ومفهوم الوطن في الفكر السياسي الحديث أين يلتقيان؟ وأين يختلفان؟

ج-  مفهوم الوطن هو أوسع من مفهوم الأمة الإسلامي، فالوطن يتسع للمسلمين وغيرهم، ومفهوم الأمة الإسلامي يجب أن لا يعني اختزال الوطن بالمسلمين القائمين فيه، وإنما يجب أن يعني وجود الروابط الدينية مع المسلمين في أوطان أخرى دون أن تكون تلك الروابط على حساب الوطن.

 

التعدّديّة والإختلاف

س:  تدعو إلى احترام الاختلاف والتعدّدية،  وتقول:  “التعدّدية نعمة من الله في أوطاننا يجب أن نحافظ عليها،  وأن نسعى إلى تطويرها لنصل إلى حالة من المساواة الكاملة بين المكوّنات التعدّدية داخل الوطن”.
– لِمَ لا يزال الإنسان العربي والمسلم عموماً لا يستسيغ التعدّدية؟

ج-  عدم استساغة التعددية في مجتمعاتنا هي حالة طارئة على مجتمعاتنا، والسبب في معظم ذلك يرجع إلى الصراعات والحروب التي أحدثتها الجماعات المتطرّفة والإرهابية في المنطقة العربية، والتي أيقظت مشاعر رفض الآخر في النفوس.

– التعدّدية هل هي مجرّد مفهوم حديث وغريب عن الثقافة الإسلامية تاريخيّاً وعملياً،  أم لها أسس وأمثلة بيّنة فيها؟

ج-   التعدّديّة ليست غريبة عن الثقافة الإسلامية،  ولذلك نرى أنه في عهد الإمام علي وبعد قيام الدولة آنذاك قال لواليه على مصر موطن التعددية الدينية والقومية في ذلك الوقت  ( . . . الناس صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) واستمرت هذه الرؤية فيما بعد، وما نراه من تعددية في بعض البلاد العربية كان من آثار تلك الرؤية واستمرارها في عهود طويلة.

 

دين الحاكم العدالة، الخروج من الطائفية إلى دولة المؤسسات والقانون

*س:  تقول في الشأن اللبناني  ( ولاية الدولة،  ص64 ) :  “ليس من الصحيح أن يُنظَر إلى الوطن على أنّه كمّ من الطوائف والمذاهب،  بل هو وطنٌ واحد لشعبٍ واحد،  يحكمه نظام سياسي يساوي بين أفراد الشعب في الحقوق والواجبات،  فلا يجب أن يكون الحاكم من الطائفة الأكثر عدداً،  بل يجب أن يكون من الشعب. . .  ونحن كشعب لا نتضرّر من مسيحية الحاكم،  كما لا ننتفع من كونه مسلماً”.

– هل تعتبر أن اللبنانيين شعبٌ واحد،  أم شعوب بعدد الطوائف؟

ج-   نحن في لبنان شعب واحد تنوع انتماء أبنائه الديني، كالعائلة الواحدة التي لا يؤثر تعدد انتماء أفرادها على وحدتها. والطائفية التي يعتمدها بعض السياسيين هي التي تحاول أن تجعلنا شعوباً.

– كيف السبيل برأيك للخروج من دولة الطوائف إلى دولة المواطنة والشعب الواحد؟

ج-  يتم الخروج من الحالة الطائفية بالعمل على قيام دولة المؤسسات والقانون الذي يتساوى أمامه جميع المواطنين،  وبالعمل على ربط المواطن بمرجعية الدولة، وليس بمرجعية الأحزاب والزعامات الطائفية.

– هل تجد في توزيع الرئاسات والوزارات والوظائف على الطوائف عامل استقرار؟ أم هو من أسباب المعضلة اللبنانية؟

ج-   إن نظام المحاصصة في الدولة ووظائفها هو من العوامل التي أدت إلى إضعاف الدولة اللبنانية وجعلت من أصحاب الحصص حكاماً على طوائفهم ووكلاء حصريين في منافع الدولة عن الطائفة التي ينتمون إليها، وهذا ما يضعف مرجعية الدولة والقانون، ويبرز قوى موازية للدولة وفوق الدستور والقانون.

أحكام الأقليات بلا موضوعات

*س:  تقول في بحثك المقدّم إلى مؤتمر حقوق الأقلّيات الدينية في الديار الإسلامية:  “نحن نرى أن ما ذكره الفقهاء في الأبواب الفقهية المختصّة بأحكام الأقلّيات أصبحت بحكم المنسوخة.  فلا تختلف حقوق الأقلّيات عن حقوق الأكثريّات.  وقد انتهى مفعول تلك الأحكام وأسباب البحث عنها.  كما يجب أن ينتهي البحث في أحكام العبيد والإماء والسبايا لأنه لم يعد لها من موضوع في حياة المسلمين،  وانتهت بانتهاء ظروفها”.علماء اندونيسيا - شيخ الازهر - السيد علي الامين
– هل يعني ذلك أن أحكام أهل الذمّة والجزية وغيرها والتي أطال الفقهاء البحث فيها هي برأيك بحكم المنسوخة؟

ج-   نعم، أصبحت تلك الأحكام بحكم المنسوخة، وهي كانت بمثابة الأحكام الوقتية التي تنتهي بانتهاء وقتها، فلم يعد لها من موضوع في حياة المجتمعات.

– ماذا هنا عن نعوت الكفّار والمشركين التي تطلق على أهل الذمّة وعن نجاستهم،  والمطوّلات الفقهية الشيعية القديمة والحديثة تحفل بها؟

ج-  هي نعوت غير صحيحة وبعيدة عن أهل الذمّة والعهد،  وهي ليست من النعوت والأوصاف التي تنتقل بالوراثة، والبحث فيها من الفقهاء فيما بعد أملته في اعتقادي فترات الصراع مع دولة الروم والبيزنطيين في العهدين الأموي والعباسي،  وعندما تكون الحروب باسم الدين تبدأ إسقاطات الأحكام والعناوين الماضية على الصراع القائم. وعلى كل حال فإن تلك النعوت وما رتبوه عليها من أحكام ليست من المسائل الإجماعية فقد أنكرها جملة من الفقهاء القدامى والمتأخرين.

 

الإمامة ليست من أصول الدين

*س:  لك موقفٌ مميّز من الإمامة،  إذ تقول:  “الإمامة ليست من أصول الدين لا الإمامة السياسية ولا الدينية،  ولم تُعتبر أصلاً إلا في القرن 4هـ.  ولا تكون فيصلاً بين الكفر والإيمان،  وإنما هي مسألة اختلف عليها المسلمون.  ولذلك فهي ليست من ضروريّات الدين.  ويجب أن يَعذر المسلمون بعضهم بعضاً في ما اختلفوا فيه”.
– أليس الموقف من الإمامة هو ما يميّز الشيعي عن بقيّة المسلمين؟ – وبالتالي أليس إنكارها أصلاً من أصول الدين إسقاطاً للهويّة الشيعية؟

ج-  لقد أنكر كثير من فقهاء الشيعة كون الإمامة أصلاً من أصول الدين ولم يقدح ذلك في تشيّعهم، وقد عدّها بعضهم أصلاً للمذهب.

– ألا يعني موقفك هذا بالتالي إنكاراً لمبدأ عصمة الإمام والأئمة المعصومين وهو من أساسيّات المذهب الشيعي؟

ج-  الإعتقاد بعصمة الأئمة لا علاقة له بمسألة كون الإمامة من أصول الدين، ولذلك من أنكر كونها أصلاً لم ينكر العمل بأحاديثهم والأخذ بمواقفهم وسيرتهم باعتبارها تعبر عن رأي الشريعة.

تعدد المذاهب والدين الواحد

*س:  من مشهور أقوالك:  “المذاهب ليست قدراً.  المذاهب مدارس.  والذي جعل منها مدارس هي الدول:  هذه اعتمدت هذا المذهب المعيّن وأقصت المذاهب الأخرى”.
– هل نشأت المذاهب الفقهية والكلامية برأيك لأسباب بحت سياسية؟

ج-  عندما تعتمد دولة رأي عالم من أئمة العلم والدين في بلادها يصبح العمل على طبقه هو القانون الشرعي دون غيره، ويصبح هو المعروف والمشهور بين الناس ويغدو بذلك مذهباً لعامة الشعب،  وهذا ما جرى بالنسبة للمذاهب في معظم الأحيان بعد أن كانت مجرد آراء علمية تطرح في الكتب وحلقات الدرس.

– ألم تلعب الخلافات الفقهية والعقائدية دوراً أساسياً في ظهور المذاهب وتطوّرها؟

ج-  الخلافات الفقهية والعقائدية تبقى خلافات يغلب عليها الطابع الفكري بين العلماء، وهي مثراة للعلم والفكر، وهي توجد في كل حقول الفكر والمعرفة،  ويعبر عنها بمدارس الرأي والفكر كما حصل في حقول الفلسفة والطب وغيرهما من العلوم حيث يختلف الفلاسفة والأطباء في نظرياتهم دون أن تتحول خلافاتهم إلى مذاهب متصارعة.

الفرقة الناجية

*س:  لك تفسير خاصّ لحديث الفرقة الناجية المشهور،  تقول فيه:  “الفرقة الناجية هي التي تسعى لنجاة الأمّة.  وهي ليست تحتكر النجاة لنفسها.  فلا يعقل أن تكون هذه الفرقة وحدها ناجية والآخرون في النار”.
– هذا التأويل أليس تضعيفاً للحديث المذكور،  وبالتالي رفضاً له علماً أن أكثر الفرق توثّقه وتعتمده رغم اختلافها على تفسيره؟

ج-  الأحاديث لا يمكن فهمها بمعزل عما ورد في القرآن الكريم بهذا السياق، فعندما يتحدث القرآن الكريم عن جماعة المفلحين وأنهم المؤمنون الداعون إلى الخير فهذا يعني عدم حصر الجماعة الناجية بالفرقة الداعية إلى نفسها، لأن الدعوة إلى الخير عنوان عام يشمل كل دعاة الخير ولا ينحصر بفرقة، ومن أعظم الخير الوحدة والبعد عن الإنقسامات.

خيار الطائفة الشيعية هو خيار بقية الطوائف فـي لبنان:

الدولة الواحدة والعيش المشترك

مراسم في عاشوراء لا أصل لها في الشرع

*س:  لك موقف خاصّ من مراسم الاحتفالات بعاشوراء،  تقول:  “لا يريد الإمام الحسين أكفّاً تلطم الصدور،  وإنما يريد أكفّاً تتصالح وتتسامح.  لقد حوّلوا هذه المناسبة إلى فولكلور.  وقد منع الإمام الصادق رفع شعارات يا لثارات الحسين في عاشوراء.  أدعو الشيعة في ذكرى عاشوراء أن يعودوا إلى أئمّتهم ولا يخترعوا طقوساً غير موجودة”
– هل تعتبر طقوس عاشوراء ومراسم الاحتفالات فيها بدعة دخيلة على الإسلام؟

ج-  الكثير مما يجري في عاشوراء من إدماء الرؤوس والأجساد وضربها بسلاسل الحديد والسير على الجمر والزحف على البطون وغير ذلك هو من العادات الدخيلة على المناسبة وليس له أصل في الشرع الإسلامي.

– أليست مواقفك من الإمامة وطقوس عاشوراء وغيرها إلغاءً متدرّجاً ومبرمجاً للهوية وللخصوصية الشيعة؟

ج-  هوية الشيعة تكمن في الهوية السلوكية كما قال الإمام محمد الباقر عليه السلام بأن الشيعة : كانوا يُعرفون بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير،  وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء. وفي حديث آخر: شيعتنا بركة على من جاوروا، إذا رضوا لم يسرفوا، وإذا غضبوا لم يظلموا.

 

احترام الرموز الدينية

*س:  في كتابك “زبدة التفكير في رفض السبّ والتكفير” ترفض منهج التعرّض للمقدّسات والرموز الدينية للمسلمين كالتعرّض للخلفاء الثلاثة،  وأمّهات المؤمنين والصحابة،  وتقول:  “إنها أمور باطلة،  لا يوجد عليها دليل، ولا يمكن أن تشكّل مستنداً يُستند إليه لزرع الفرقة والبغضاء بين الأمّة الواحدة”.
– ألا ترى أن كلّ فريق أو مذهب يتعرّض لمقدّسات الآخر:  هذا رافضيّ،  وذاك ناصبيّ،  فكيف الخروج من هذه الحلقة المفرغة من التعريض بمقدّسات الآخر بل وانتهاك حرمتها أحياناً؟

ج-  ما يساعد على الخروج من هذه الحالة هو نشر ثقافة الحوار والعمل على تغيير المناهج القائمة في التعليم الديني.

– واستطراداً كيف التعامل مع مقدّسات الأديان الأخرى،  وقد ألف الكثير من المسلمين تكفير رموز هؤلاء وطقوسهم واعتبارها نوعاً من الشرك؟

حوار الشرق والغرب
حوار الشرق والغرب

ج-  لا فرق في المنع من التعرّض للمقدّسات بين مقدّسات دين وآخر، فلكل أمّة مقدّساتها التي يتوجب على الآخرين عدم الإساءة إليها. وقد قلت في الذي أساء لسيدتنا مريم العذراء عليها السلام:

-مَا نَالَ مِنْ مَرْيَم الْعَذْرَاءِ مُجْتَرِئٌ/عَلَى الْقَدَاسَةِ قَدْ بَانَتْ لِذِي بَصَرِ

-فَاللهُ طَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ شَائِنَةٍ / وَاخْتَارَهَا وابْنَهَا نُورَيْنِ لِلْبَشَرِ

-فَهْيَ الطَّهَارَةُ مِنْ رِجْسٍ وَمِنْ دَنَسٍ/وَهْيَ الْعَفَافُ بَدَا في أَحْسَنِ الصُّوَرِ
-وَالشَّمْسُ يُنْكِرُهَا الْأَعْمَى إِذَا طَلَعَتْ/(وَالشَّمْسُ مَعْرُوفَةٌ بِالْعَيْنِ وَالْأَثَرِ)

الحداثة والنصّ القديم

*س:  تقول:  “أرى أن الحداثة لا تعني ترك النصّ القديم،  بل تعني في ما تعنيه ترك الفهم القديم للنصّ،  والذي
كان سائداً”
– أنت هنا تلتقي ما تسمّيه العلوم البيبلية ومدارس تفسير الكتاب المقدّس “تأويل النص” أي استنباط معانٍ جديدة وآنيّة من النصّ تخاطب إنسان اليوم.  فهل ترى أن التأوين ممكن في الإسلام لا سيما في ظلّ التشبّث بالتفسير بالمأثور والنقل؟

ج-  لا شكّ في أن النصوص الدينية القديمة ليست كلها واردة لإعطاء قواعد عامة، بل بعضها كانت له خصوصية الحادثة التي ورد فيها، وبعضها تتسع دلالته لتشمل القادم من الزمان، وما يسمّى بالتفسير بالمأثور لا ينحصر به تفسير النص الديني ، بل هو وجه من وجوه التفسير وليس منهجاً مقبولاً من الجميع.

وصايا الشيخ شمس الدين

س:  نرى أنك تلتقي في مسائل عديدة مع سماحة المرجع السيد محمد مهدي شمس الدين في كتابه الوصايا:  الموقف من ولاية الفقيه،  نهائية الكيان اللبناني ودعوة الشيعة إلى الانخراط في الوطن،  إلخ.  فأين تتفق معه وأين تفترقان؟

ج-  لم أختلف مع الشيخ شمس الدين رحمه الله في هذه المواقف من وصاياه المذكورة في كتابه،  وقد كنت وما زلت من الدعاة إليها والمتمسكين بها ومن الذين دفعوا الثمن في سبيلها، ولكن كان الخلاف أن مثل هذه الوصايا يجب أن يعمل المرء بها في حياته قبل الوصيّة بها بعد وفاته،  وقد كان بالإمكان أفضل مما كان، فقد كان متاحاً تحويل هذه الأفكار عن الدولة والوطن وانخراط الشيعة فيهما إلى تيّار قويّ داخل الطائفة الشيعية متمسك بالدولة ونهائية الوطن اللبناني ورافض للإرتباطات الخارجية تحت مختلف العناوين الفقهية والدينية ذات البعد السياسي.

من الفقه والسياسة إلى الشعر

*س:  ختام الأسئلة عن شعرك.  وأنت شاعر مبدع،  وقد أحببتُ لك الأبيات التالية:
معاً عشنا بأرضِ الشرقِ دهراً              نصارى إخوةً للمسلمينا
ونحنُ على خُطى الأجدادِ نمضي         بإيمانٍ وعزمٍ لن يلينا
ونبقى الأوفياءَ لما ورثنا                    بسلمٍ واعتدالٍ مؤمنينا
نصونُ بذاك عهدَ العيشِ أهلاً           ولن نرضى بغيرِ الحبّ دينا
– كفّر السلفيون ابن عربي لأنه أنشد “الحبّ ديني وإيماني” فهل يجوز لمسلم أن ينسب لنفسه ديناً غير الإسلام،  حتى لو كان ذلك الدين الحبّ؟

ج-  من معاني الدين أنه الطريقة التي نعبد الله بها ونلقاه عليها، ولا شك بأن هذه الطريقة تتضمّن الحبّ لله تعالى، وقد ورد في بعض النصوص الدينية ( وهل الدين إلاّ الحبّ )  و ( طوبى للمتحابّين في الله ) .

– نراك هنا تقترب من الآية الإنجيلية القائلة  ( 1يوحنا 4/16 ) :  {الله محبّة من أقام في المحبّة أقام في الله وأقام الله فيه}.  فأنت والإنجيل وابن عربي في هذه النقطة على موجة واحدة إذا صحّ التعبير! هل ترى ما يراه المستشرقون من تفاعل بين الصوفية والمسيحية؟ وأين أنت من هذا التيّار الروحي في الإسلام؟

ج-  لا شكّ بأن التعاليم المسيحية الروحية كانت هي السبّاقة في الدعوة إلى جوهر النسك والتعبد والعمل على السيد علي الامين - الدكتور عمرو موسىصفاء الروح الذي يربطها بخالقها فتنشغل بمحبّته، وقد ألقت بظلالها على الحركة الصوفيّة في العهد الإسلامي، وأنا أميل إلى هذا النحو من السلوك لأنه يساهم في إضعاف نوازع الشر والخلاف بين البشر.

– أليس من المبالغة القول أن مسيحيي الشرق ومسلميه عاشوا دوماً إخوةً،  وقد شاب تاريخهم المشترك الكثير من الصراعات؟

ج-  لا شك بأن صراعات قد حصلت في التاريخ القديم وبعضها في الحديث، ولكنها انتهت، وكانت صراعات بين قيادات دول على السيطرة والنفوذ في المنطقة، وكان الدين يستغلّ فيها لتلك الأغراض، وأنا في هذه الأبيات أتحدث عما بعد انتهاء تلك الصراعات عن مرحلة الطفولة والشباب التي عشتها في لبنان وكان الحب يجمعنا فيها من كل الطوائف والمذاهب في مدارسنا وقرانا وأحياء مدننا، ولم نتأثر بأحداث قرأناها في كتب التاريخ، ولا تزال هذه المشاعر والأحاسيس موجودة لدي وتجعلني في أمل متواصل بأن الحبّ الذي جمعنا في الماضي القريب والبعيد هو الذي سوف يبقى جامعاً لنا في الحاضر والمستقبل، وأن كل دعوات التطرف والكراهية إلى زوال بإذن الله.

شارك المعرفة وانشر