الإنتخابات النيابية والفتوى الدينية !
س-ما هو رأيكم في بعض الفتاوى الدينية التي تحرم الإنتخابات النيابية لشخصيات غير دينية؟
____
-الجواب:
( العملية الإنتخابية والفتوى الدينية )
إن العملية الإنتخابية تقوم على أساس الإرادة والإختيار للممثّلين بتوكيلهم في إيصال صوت الناخب إلى أسماع المسؤولين في الدولة ومراقبة أعمالهم وحسن أدائهم، وهذه الوكالة من الناخب تستدعي اختياره لمن يقوم بهذا الدور الوطني بأمانة وإخلاص ولا علاقة للإختيار بالإنتماء الديني للطرفين ( الناخب والمنتخب) .
وليس للشريعة في هذا المجال الدنيوي شروط دينية كتلك الشروط المعتبرة في إمامة صلاة الجماعة وغيرها من العبادات التي يشترط فيها العدالة بالمعنى الديني، بل هذه تندرج في أبواب المعاملات والسياسات التي تتوقف الإستفادة منها على اختيار الكفاءة وحسن الأداء للدور المطلوب القيام به ، وهذا ما يستفاد من أخبار عديدة منها الخبر المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام الذي قال فيه للخوارج الذين اعتبروا الحكم شكلاً إلهياً بعيداً عن الدور البشري عندما قالوا( لا حكم إلا لله) فقال لهم : نعم لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله !. وإنه لا بد للناس من أمير).. ثم تحدث بعد ذلك عن الدور المنوط بالحاكم القيام به بعيداً عن أوصافه الدينية.
والحاصل أن العملية الإنتخابية موكول أمرها الى وعي الإنسان واختياره، ودور الشريعة فيها ليس الإلزام باختيار طرف دون آخر لأن ذلك يتنافى مع مبدأ قيامها على جوهر الإرادة وحرية الإختيار ضمن الإطار الحافظ للنظام العام ، فالفتوى المتضمنة للإلزام بانتخاب طرف معين – هي كالتهديد باستعمال السلاح- تلغي العملية الإنتخابية وتتنافى مع الموقف الشرعي القائم في الأصل على الإمضاء في أمثال المقام .
العلاّمة السيّد علي الأمين
رجب المرجّب ١٤٣٣
٦ حزيران ٢٠١٢
لبنان – بيروت